COP30 in Belém: The World’s Next Big Climate Test

بقلم: عيسى عبد الكريم شاعي
موقع سلموروح الإخباري | أكتوبر 2025
مقدمة: كوكب على حافة الخطر

في نوفمبر 2025، سيتجه أنظار العالم نحو مدينة بيليم في البرازيل، حيث تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة لتغيّر المناخ (COP30) — وهو حدث يُتوقّع أن يرسم ملامح مستقبل الكوكب في العقود القادمة.
ومع تزايد درجات الحرارة، والفيضانات المدمّرة، وموجات الجفاف غير المسبوقة، يقف قادة العالم والعلماء والنشطاء أمام لحظة حاسمة: هل ستتحول الوعود إلى أفعال حقيقية؟
مؤتمر COP30 ليس مجرد اجتماع دبلوماسي؛ بل هو نقطة تحول محورية في الجهد العالمي لحصر ارتفاع درجة حرارة الأرض ضمن 1.5 درجة مئوية وفقًا لاتفاق باريس للمناخ.
الرهانات كبيرة، والمسؤولية أكبر.
عقد بعد اتفاق باريس: أين يقف العالم اليوم؟
في عام 2015، تعهّدت الدول في اتفاق باريس بخفض الانبعاثات وتحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن.
لكن بعد عشر سنوات، لا تزال الفجوة بين الوعود والتنفيذ تتسع:
الانبعاثات العالمية واصلت الارتفاع حتى بلغت مستويات قياسية عام 2024-
ـ عدد محدود فقط من الدول — مثل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وبعض جزر المحيط الهادئ — يسير على المسار الصحيح لتحقيق أهدافه
(COP29) تمويل المناخ الموجّه للدول النامية لا يزال أقل بكثير من التعهدات رغم قرارات مؤتمر باكو –
وفق تقرير الفجوة في الانبعاثات الصادر عن الأمم المتحدة، فإن السياسات الحالية قد تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب بمقدار 2.7 درجة مئوية — وهو سيناريو كارثي يهدد المدن الساحلية والزراعة والأمن الغذائي ومئات الملايين من البشر.
بالغ الأهمية؟ COP30 لماذا يُعد مؤتمر
يحمل مؤتمر بيليم 2025 أهمية استثنائية للأسباب التالية
- تحديث المساهمات الوطنية (NDCs):
يتعيّن على الدول تقديم خطط وطنية أكثر طموحًا لخفض الانبعاثات وتعزيز التكيّف مع التغيرات المناخية. هذه الجولة الثانية من الالتزامات ستكون اختبارًا حقيقيًا للجدّية السياسية. - الهدف الجديد لتمويل المناخ:
بعد اتفاق باكو (COP29)، التزمت الدول المتقدمة بتوفير 300 مليار دولار سنويًا بدءًا من 2025، ترتفع تدريجيًا إلى 1.3 تريليون دولار سنويًا بحلول 2035.
ويبقى التحدي في كيفية تحويل هذه الأرقام إلى تمويل فعلي وشفاف. - رمزية الأمازون:
استضافة المؤتمر في بيليم – بوابة غابات الأمازون – رسالة قوية: لا يمكن إنقاذ المناخ دون حماية الغابات، ولا يمكن حماية الغابات دون إشراك شعوبها الأصلية.
قيادة البرازيل ورسالة بيليم
تسعى البرازيل إلى لعب دور قيادي في الجهود المناخية العالمية، إذ أعلن الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أن COP30 سيكون “مؤتمر الشعوب”، يضع العدالة الاجتماعية وحقوق السكان الأصليين في قلب النقاشات.
استضافة المؤتمر في مدينة بيليم — الواقعة على ضفاف نهر الأمازون — ليست مجرد اختيار جغرافي، بل رمز سياسي وبيئي.
فالغابات المطيرة تُعدّ “رئة الأرض”، وأي تراجع في حمايتها يعني تسارع الكارثة المناخية.
العدالة المناخية وتمويل الإنصاف
لا يمكن لأي اتفاق مناخي أن ينجح دون معالجة قضية الإنصاف.
الدول النامية تتحمل اليوم الخسائر الأكبر رغم أنها ساهمت الأقل في انبعاثات الكربون.
خلال COP29 تم الاتفاق على إنشاء صندوق الخسائر والأضرار لتعويض الدول المتضرّرة، لكن التمويل الفعلي لا يزال محدودًا.
وفي بيليم، ستطالب هذه الدول بـ:
- تسريع صرف التمويل المتعهَّد به.
- تسهيل الوصول إلى التمويل الأخضر.
- تخفيف أعباء الديون المرتبطة بالاستثمارات المناخية.
- تعزيز نقل التكنولوجيا وبناء القدرات.
تقول الدكتورة أمينة ديوب، خبيرة الاقتصاد البيئي من السنغال:
“العدالة المناخية ليست تفضّلًا من أحد، بل هي حق. من دونها لن يكون هناك ثقة، ولا حلّ دائم للأزمة.”
المراجعة العالمية: من الوعود إلى المحاسبة
أظهرت نتائج المراجعة العالمية الأولى (Global Stocktake) أن أغلب الدول لا تسير بالسرعة المطلوبة لتحقيق أهداف اتفاق باريس.
ومن المنتظر أن يتحول مؤتمر بيليم إلى منصة للمساءلة، حيث سيُطلب من الحكومات الإجابة بوضوح عن ثلاثة أسئلة جوهرية:
- ما التقدّم الحقيقي منذ عام 2015؟
- ما هي السياسات الملموسة لتحقيق الأهداف حتى 2030 و2050؟
- كيف سيتم محاسبة الدول التي تتخلّف عن التزاماتها؟
الشفافية والإفصاح عن البيانات ستكونان محور النقاشات في COP30.
التكنولوجيا والابتكار: بصيص أمل
رغم الأزمات، هناك مؤشرات إيجابية:
استثمارات الطاقة المتجددة تجاوزت 1.8 تريليون دولار عام 2024، مدفوعة بتوسّع كبير في مشاريع الطاقة الشمسية والرياح.
وفي دول الجنوب، برزت مبادرات رائدة:
- مشروع توركانا في كينيا أصبح أكبر مزرعة رياح في إفريقيا.
- خطة البرازيل الطاقوية تهدف إلى الوصول بنسبة 80% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول 2030.
- المغرب وتشيلي تتقدمان في إنتاج الهيدروجين الأخضر.
هذه النماذج تؤكد أن الحلول المناخية ليست حكرًا على الشمال، بل يمكن للجنوب أن يقود التحول.
القطاع الخاص ودوره المتنامي
لم يعد القطاع الخاص خارج اللعبة المناخية.
من التمويل المستدام إلى أسواق الكربون، تتزايد مساهمات الشركات الكبرى في التحوّل الأخضر.
لكن الشكوك لا تزال قائمة حول مصداقية التعهدات الطوعية، وسط مخاوف من ظاهرة “غسيل الأخضر”.
لذلك سيبحث مؤتمر بيليم آليات تنظيمية تضمن الشفافية والمساءلة، وتحوّل الالتزامات إلى أفعال.
التكيّف والمجتمعات المحلية
في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، أصبحت التكيّف مع آثار التغير المناخي مسألة بقاء.
لذلك سيطالب المفاوضون بإنشاء صندوق تكيّف جديد يُمكّن الحكومات المحلية من الوصول السريع إلى التمويل، إضافة إلى:
- تطوير أنظمة إنذار مبكر.
- دعم الزراعة الذكية بيئيًا.
- تمكين المجتمعات الأصلية من إدارة مواردها.
الشباب والمجتمع المدني: صوت المستقبل
شباب العالم سيحضرون بقوة في COP30، كما سيشارك نشطاء المناخ والعلماء ومنظمات السكان الأصليين.
إنهم لا يطالبون فقط بالاستماع، بل بالمشاركة في صناعة القرار.
وسيشكّل الإعلام المستقل، مثل سلموروكس، جسرًا لربط صوت الشارع بالمفاوضات الرسمية.
التحديات والعقبات
رغم التفاؤل، لا تخلو الطريق من العقبات:
- الخلافات الجيوسياسية قد تعرقل الإجماع.
- ضغوط الطاقة وأسعار الوقود قد تبطئ التحول.
- المعلومات المضلّلة ما زالت تهدد الوعي العام.
- فجوة التنفيذ بين التعهدات والواقع ما زالت كبيرة.
لكن التاريخ يُثبت أن التغيير يبدأ بالإرادة، وأن الاجتماعات الكبرى كثيرًا ما كانت نقطة انطلاق لتحولات حقيقية.
خاتمة: الوقت ينفد
يقف مؤتمر بيليم 2025 عند مفترق طرق:
إما أن يكون بداية مرحلة جديدة من العمل المناخي الجاد، أو لحظة أخرى من الوعود المؤجلة.
إنها الفرصة الأخيرة قبل عام 2030 لإعادة ضبط المسار العالمي.
وإذا استغلها القادة جيدًا، فقد يُذكر مؤتمر COP30 كـ”نقطة التحول التي أنقذت الكوكب”.
فكما يقول أحد النشطاء المحليين في الأمازون:
“لا يمكننا التفاوض مع الطبيعة، بل فقط مع أنفسنا.”
وسيتابع فريق سلموروح نيوز فعاليات المؤتمر من الميدان، لنقل الحقائق، ومساءلة التعهدات، وإيصال صوت الشعوب التي تعيش التغيّر يومًا بعد يوم.
One thought on “COP30 in Belém: The World’s Next Big Climate Test”